أجلس في آخر المدرج مطأطء الرأس، خوفا من أن يلاحظني أي أستاذ أو يطرح علي أي كان سؤال باللغة الفرنسية، الأستاذ يشرح و أنا لا أفقه من كلامه شيء، سارح الذهن أفكر كيف سيكون مستقبلي و نادم على اليوم اللذي قررت فيه ألا أدرس اللغة الفرنسية… بعد تفكير طويل قررت أنه على الأقل علي أن أحاول، علي بالبدأ بالتصرف و
إيجاد الحلول بدل التذمر و البقاء مكتوف الأيدي.
أول خطوة قمت بها، في المدرج و عند إلقاء الأستاذ للدرس دائما ما تتردد الى مسامعي كلمات معينة تتكرر باستمرار، حتى و لو كنت تدرس باللغة الصينية ستعلم أن الدرس كله يتمحور حول هذه الكلمة مثلا في مادة بيولوجيا الخلية تتكرر مصطلحات مثل (…La cellule, membrane, tissus) كنت أحظر الهاتف ، أفتح تطبيق
غوغل للترجمه و أبحث عن معاني هذه الكلمات، ومع مرور السنوات أدركت أن مايقال عن تخصص البيولوجيا صحيح، و هو انه
ليس عليك إتقان اللغة إتقانا تاما، هذا التخصص عبارة عن مجموعة من المصطلحات التي تتكرر بإستمرار إذا إستوعبتها إظافة الى بعض الأساسيات في الفرنسية ستنجح لامحالة. ثاني خطوة هي كتابة كل مايقوله الأستاذ، أعلم أن الجميع مستغرب الآن، كيف لك أن تكتب مايقول و أنت بهذا الضعف في اللغة ؟ لو رآى أي شخص ماكنت أكتبه متأكد أنني كنت سأطرد من الجامعة و الاسوء من ذلك ان خطي غير مفهوم، كنت أكتب ما أسمعه بالحرف يعني تقريبا مثل كتابة رسالة في الفيسبوك لصديق، يعني أنني كنت مرتكب جرائم في حق اللغة، إضافة الى أن اغلب الأساتذة يدرس بإستخدام العروض التقدمية، لذك كنت أكتب أيضا مايظهر في الشاشة. بعد العودة الى المنزل أفتح الكراس،و أفتح احد تطبيقات الترجمه و أضعه في خاصية الكتابة بالصوت، و أبدأ أقرأ ما كتبت ليقوم بالتصحيح لي… طبعا لن يعطيك كل الكتابات و العبارات دقيقة لكن على الأقل أفضل بكثير مما كتبت أنا. كنت بعدها أترجم الكتابة للعربية لأفهم معناها و مضمونها. بهذه الطريقة بدأت أفهم الدروس أكثر، و الرغبة في التعلم و الدراسة بدأت تكبر شيأ فشيأ. الفصل الأول مر بسرعة، مثل
مادة بيولوجيا الخلية أدركت أنها عبارة عن دراسة مكونات الخلية فقط، و هذه المعلومات أعرفها من قبل من الثانوي كان يكفي فقط ان اترجمها. في مادة الجيولوجيا قامت الأستاذة بإعطائنا الدروس وأتذكر أن عددها كان كبير جدا، قمت بترجمتها، تلخيصها و من ثم حفظ الأهم وتحصلت فيها على نقطة جيدة… لننتقل للكارثة الثانية، نعم أنا
ضعيف جدا في الفرنسية لكنني ضعيف أيضا في الرياضيات و الكيمياء، و هذا من بين الأسباب التي جعلتني أختار هذا التخصص. لكن وجدت انه علي دراستهم مجددا و باللغة الفرنسية في أول سنة جامعية لي ! تحصلت في الرياضيات على 8، كنت بعد دراستي لكل محاضرة اتوجه الى اليوتيويب وأبحث عن عنوانها لأجد عدة طلبة بالمغرب او مصر قامو بشرحها بالفعل و بالدارجة و هذا ما افادني قليلا. و في الكيمياء تحصلت على 1 أسوء نقطة أخذتها في حياتي ولازلت أتذكرها الى يومنا هذا و الجميع من أصدقائي سخروا مني. أصبحت أضحوكة بمعنى الكلمة. وهنا أدركت يقينا أني سأعيد السنة لامحالة. المهم باقي المواد حصلت فيها على نقاط متوسطة إلى مقبولة، و ما ساعدني أيضا هو أنني كنت أقوم بحل الأعمال الموجهة و التطبيقية و أقوم بتحظيرها قبل الدخول إلى حصصها. لينتهي السداسي الاول و تظهر النتائج و أتحصل على معدل 10… الحمد لله لم أدخل للإمتحانات الإستدراكية، لننتقل الى السداسي الثاني، لم يتغير الكثر، أحضر الدرس، أكتب كل ماقيل، بعد العودة للمنزل أعيد كتابته و تلخيصه، أحفظ. لتأتي الإمتحانات و أتحصل على معدل 11، هنا أدركت أن هناك أمل.